في الليلة السابقة قابلتها
احتضنتها بشوق أيام الغياب
ثرثرت بصمتي كثيرا
وانصتت لي كثيراً ..
جدلت أطراف شعري المتناثر ..
وعندما انتهت بكيت كطفل فقد أمه تواً ..
فكفكفت دموعي بأطراف أصابعها المتعبة..
وهمست .. لا بأس .. لا بأس .. يا صغيرتي ..
أخبرتني أنها كانت تعرف بامتداد ذلك الحزن فيَّ
لكنها آثرت الصمت كيما تبقي البريق بعيني متقداً ..
و أنها كانت تشعل ما كنت أطفئه من شموع ..
صرتي تتكلمين مع الموتى كثيرا !!
الاموات وحدهم لهم القدرة المطلقة لتحمل حماقاتنا
وابتلاع تعاريجنا دون تململ ..
دون ضجر .. دون أحكام مسبقة ..
فعندما كانت هنا كنت أخاف منها اكثر ..
و أختبئ منها أكثر ..
و اتجاهلها أكثر و أكثر ..
والآن ؟
الآن صرت أشتاقها أكثر
و أحتاجها اكثر
و أحن اليها اكثر..
و أصبحت هي قادرة على اختراقي أكثر
والإنصات لي أكثر .. و عذري أكثر
ومسامحة حماقاتي أكثر وأكثر
لذا صار التواصل بيننا ممكنا
وجميلا .. ودافئاً ..
هكذا انا لا احتضن إلا الأموات ..
فهم يشبهونني .. لا يتواصلون إلا بالصمت
ولا يفهمون سوى لغة الرؤى و الأحلام